العين الثالثة

عندما كنا صغاراً حذرنا اباءنا من البعبع انه سيأكُلنا ان لمّ نخلدَ للنوم باكراً او انه سيأتي ان لمّ نقم بواجبِ مُعين يحددهُ لنا الكبار , حتماً كنا ننفذ الأوامر إكراهاً لكي نمنع هذا الزائرَ الثقيل من القدوم كنا عندما يُطرق الباب ليلاً نختبئ جميعاً في صدور وسائدنا ظانين بأن البُعبعَ قد اتّى فتبتهل سريرتنا بأن القابع خلف الباب مَا هو إلا مجرد جارٍ يريد ان يلقي السلام , عنّدما كبرنا جيداً علمنا بأنّه مجرد اسم وليس لهُ مظهر معين وانه استخدام وهمي يُجسد نوع من انواعِ الترهيب للأطفال وان مفهوم البعبع يختلف جذرياً من اسُرة الى اخرى البعض يقول بأنهُ رجل فقد طفلهُ فيقوم بالهجوم على المنازل ليلاً ويسرق الأطفال باحثاً عن طفلهِ والبعض الأخر يقول بأنهُ عِفريت يخدعُ المارة كعابرِ سبيلٍ مسكين فيقومون باستضافته وإكرامه ف يقوم باستغفال مستضفيه ويقوم بأكل أطفالهم .

عندما كبرنا اجزمُ بأننا لمّ نعد نخاف من البعبع بل ما يخيفنا استحضار تلك الذكريات المشوشة , كنتُ عنّدما اخلد إلى الفراش ليلاً يخرج صديقي دوماً من خزانة ملابسي ويقول لي ( لا تخف , البعبع ليس موجود انا فقط الموجود معك) !

حسناً قد يخال اليك عزيزي القارئ في بعض الأحيان ان تتحسس بوجود ظلٍ خلفك فيعزز الأدرنالين هجومهُ على جسدك للاستشعار بأن هناك خطباً ما او ان هناك خطر محدق في محيطك , او ان تجلس وحدك فيسقط القلم بلا مبرر فتتعذر لنفسك بأن هناك رياح لتنظر خلفك ف ترى بأن النافذة محكمة الإغلاق ؟! او ان تخلد للنوم ليلاً فتبصر ضوءاً خاطفاً اخترق حاجز سقفك او سمعك لهفوات رقيقة تستشعر خطرها في مسامات جلدك , حتماً هناك 99 % قد خاض هذه التجربة اما 00,01 % يقولون بأنهم لا يؤمنون وانها مجرد رادارات تفرزها الطبيعة فيرون ان البعض يبالغ في حكمه بأنها فعل اشخاص من وراء الستار ..

هناك 40% من 99% قد خاض تجربة الميتافيزيقا وهي تجربة لا تمت للفيزياء او العلوم الطبيعية بصلة , انه علم يسمى الماورائيات او الروحانيات تنسب الى علوم ما وراء الطبيعة وتتشعب داخلها بما يسمى الإسقاط النجمي و الاتصال التيلبياثي والطاقة الحيوية التي تؤججها العين الثالثة "بوابة جهنم" وقد انتشر مؤخراً في انحاء العالم فأصبحت تروج بشكل هستيري في شوارع العامة مستقطبة خصيصاً المشاهير , المخترعين , وذوي العقول بالإضافة الى حكام و ورؤساء الدول العظمى لتنبئهم بما ستؤول عليها دولهم غدا ومن هو عدو هذا الشهر وأين الحظ سيحالفهم هذه السنة ومتى يمكنهم استحضار ارواح اجدادهم او حتى من سيفوز بكأس العالم عام3011 .

الميتافيزيقا هي وسيلة لإدراك العالم الغير حسي او العالم الغير مرئي فأصبحت لها معاهد تدرسه ومشايخ تؤيده . بات الأمر وكأنه علم تجريبي او علم ظني مؤيد بيقين , وللأسف هو طريق سفلي يؤدي الى مدارك الشرك والغرض منه هو طلب إبليس.

فأعلم اولاً عزيزي القارئ ان عالم الجن مغاير تماماً لعالم الإنسان إلا ان بينهم وبين الانسان قدر مشترك حيث الاتصاف بصفة العقل والإدراك ومن حيث القدرة على اختيار طريق الخير والشر ويخالفون الانسان في امور اهمها ان اصل الجان مخالف لأصل الانسان وان التطور لديهم سابق عصر الإنسان بمليون سنةِ ضوئية فهم يرون ان التكنولوجيا في يد الانسان هي عبارة عن خردة لا فائدة منها ،الميتافيزيقا او العين الثالثة هي بوابة جهنم التي تفتح لك البعد الروحاني لنفسك حيث انك من خلالها تستطيع رؤية العوالم الخفيه واستحضارها و رؤية ما يقبع خلفها.

بواسطة غدة بحجم البازلاء مهملة في منتصف جبهة الرأس بين الحاجبين , هذه "الغده الصنوبرية" ما ان يتم تدريبها وتنشيطها تكشف للإنسان ستار خفي وغامض , فعندما يحدثك طفلك بأن لديه صديق خيالي لا أحد يراه سواه فصدقه ف هذه هي بما تسمى بالعين الثالثة.

العين الثالثة تكون نسبياً نشطة لدى الأطفال من عمر المهد الى خمس سنوات في هذه المرحلة تبدأ في الضمور شيئا ف شيء الى ان تختفي تماماً عند البلوغ ولعل هذا يوضح لماذا الأطفال لديهم بعضاً من الخيال الواسع.

ولكن حتى تستطيع ان تقوم بتنشيط هذه العين وإدراك ما وراء المادة فيجب ان يصدر منك اشعاعات موجية او طاقة كهرومغناطيسية تعادل سرعة الضوء حتى تستطيع ان تتحرر من نطاق المادة المحدودة إلى نطاق الفراغ اللامحدود . والذي لديه المقدره على فتح هذا الأمر لا بد ان تكون "روح " تملك هذه السرعة لتسبح بقوة الخيال لديك ومن ثم تصبح تدرك ما لا يدركه الاخرون , وهذه الروح قد تكون غالباً من الجان يقوم بلمس هذه العين ويحدث بعدها ان الشخص يصبح يرى مالا يراه الغير فتلتقي الروح بالروح كما يلتقي الجسد بالجسد و اول ما تراه الروح وتصطدم به هو عالم الروح الناري "الجن" .

ولذلك الجان لا يُرون بالعين المجردة لأن سرعتهم تعادل سرعة الضوء والإنسان العادي لا يدرك ببصره أكثر مما تبصره العين العادية لانعدام وجود الطاقة الروحية اللازمة لإدراك ما غاب عن الحواس .

يزعم أصحاب العين الثالثة انهم بمجرد فتح بوابة جهنم "العين الثالثة " فإنهم يستطيعون التنبؤ بأمور غيبية ويمكنهم التعرف على احوال الناس من مسافات بعيدة ويمكنهم التأثير على الاخرين من بعيد وتظهر لهم القدرة على التخاطر وكشف يقظة و معرفة ما في داخل هذه الأرض من كنوز , ذلك لأنه عند فتح هذه البوابة سترى عوالم وخيالات لم تعهدها من قبل فمن يحكم بما تراه هو الحقيقة و الصواب ؟ خاصة وانك عند تنشيط العين الثالثة سوف تنتهج عقائد شركية . في هذه المرحلة ترى ما تعتقده فلو كنت تعبد البقر فستجد صورة البقر في خيالاتك , وان كنت مسيحياً فستجد نفسك تقابل ارواح مسيحية ولو كنت مسلما فستجد نفسك تقابل ارواح مسلمة وهكذا فالمعتقدات لها تأثير قوي جداً في هذه المرحلة.

العين الثالثة لا تمنح مجاناً ابداً ف من سعى لفتحها لا بد من وجود علاقة مع العالم الأخر فكل ما ستأخذه سيكون له مقابل سواء طلبت خيراً او شراً , سيصبح عدم التوفيق ملازماً لك طوال حياتك ستجد همسات تحدثك باستمرار في داخلك , تشت وانقطاع داخل افراد اسرتك ومن ثم تتوقف الحياة حولك شيئاً فشيئاً.

ستصبح العين الثالثة جحيماً لكل من يريد الخوض فيها و تجربتها من باب الفضول حينها ستستشعر حالة حضور في محيطك تشبه تماماً حضور الإنس معك سيصبح حيزك مليء بطاقة هذه الروح التي تتحرك ويمكنها ايضاً الاستنطاق وفي حالة حدوث اخطاء طفيفة اثناء التجربة ستحاول الروح المساس بك وقد تنجح في ذلك.

اعلم يقيناً بأن هذا هراء فالجن الذي يمس الجسم ليس من جميع الطوائف فقليل من الجن فقط قادرة على فتح هذه البوابة , ولو جاءوا بإبليس وطلبوا منه ذلك فلن يوافق لأنه ليس بأحمق حتى يضع للبشر سلاحاً يمكنهم من خلاله الظفر به .

الخلاصة : ان للإنسان طاقة و روح واحدة خالصة لله عز وجل والبصيرة يتم استحضارها في القلب وان ما يحدث لك من وقائع تستشعرها ما هي الا قوة التجاذب بينك وبين الظن بالله ان ظننت خيراً فسيصبك خيراً وان ظننت عكس ذلك فسيصبك عكسه.

*العديد من الناس قد يقعون في خطاْ " العين الثالثة " و الاستحضار من دون قصد منهم فتتحول حياتهم رأساً على عقب ، وما تم ذكرهُ من مواد قليلة جداً حتى لا يتسنى لك عزيزي القارئ الانخراط والإبحار في هذه العوالم الخفيه.

رهام احمد