تقلبّات وضحية
- الأفنان الثقافية
- Mar 28, 2018
- 3 min read
كان العالم منذ الأزل يحملُ بين طياته العديد والعديد من مراتب التصنيف ، التي قد تكون في وقتنا الحاضر زالت أو في طور الإزالة ، وما كان للمرأة سوى المعاناة والإضطهاد تحت وطأة العديد من المسميات والخرافات التي تخلق حدودا لها في التحليق أو تنفيذ رغبة تخالج نفسها .
على سبيل المثال كانت الهند قديما تنظر للمرأة بأنها روحا شريرة ، وأن من مات وكان صالحا تصعدُ روحه للسماء أما إن كان مُذنبا أو شريرا فإن روحه تدخل في جسد امرأة أو كلب ، فأي معاملة تعتقد عزيزي القاريء قد تتلقاها في ذلك العصر نتيجة هذا الإعتقاد ؟
أما عند الإغريق فقد كانت شجرة مسمومة ، لا يُنظر لها سوى نظرة احتقار ، ومن أقوال أرسطو الرجل الذي يُنعت بالذكاء والعقل فقد كان يقول "إن الطبيعة لم تزودِ المرأةَ بأيِّ إستعداد عقلي يُعتَدُّ به؛ ولذلك يجب أن تقتصرَ تربيتُها على شؤون التدبير المنزلي والأُمومة والحَضانة وما إلى ذلك "
ثم يقول " ثلاث ليس لهن حق التصرف في أنفسهن : العبد ليس له إرادة، والطِّفل له إرادة ناقِصة، والمرأة لها إرادة وهي عاجِزة "
وقال أيضا : " إن المراة رجل غير كامل ، وقد تركتها الطبيعة في الدرك الأسفل من سلم الخليقة "
وهو القائل أن المرأة للرجل كالعبد للسيّد ، والعامل للعالم ، والبربري لليوناني ، وأن الرجل أعلى منزلة من المرأة .
أما سقراط قال أن وجودَ المرأة هو أكبر منشأ ومصْدر للأزمة والانهيار في العالَم، إنَّ المرأة تُشبه شجرةً مَسْمومة، حيث يكون ظاهرها جميلاً، ولكن عندما تأكل منها تموت حالاً .
وفي حضارة أخرى بذات المنطق ، وهم الفُرس بأن النساء تحتَ سُلطة الرجل و المُطلقة يحقُّ لزوجها أن يحكُم عليها بالموت، أو ينعم عليها بالحياةِ طبقًا لِمَا يراه،وتطيب له نفْسه !!
وفِي أوروبا كانوا يرون بأن النساء متأخرات جاهلات يقفن عقبة في سبيل العلم والنور، وكانت الكتب الشرعية تضطرم بسخط شديد على مجرد وجود النساء في العالم، وكان يُقال لهن: يجب أن يخجلن من أنهن نساء، وأن يعشن في ندم متصل، جزاء ما جلبن على الأرض من لعنات .
أما في فترة ما قبل الإسلام ، لا يخفى كم كانت المرأة لا تساوي شيئا حتى أنهم يدفنون أحياء خشية العار ، ولا حق لها في الميراث أيضا ، وما إن أتى الإسلام فقد أعطى المرأة حقا في الميراث وكانوا فقيهات والآن يتم إطلاق مصطلح " ناقصة عقل " لا يحق لها إبداء الرأي لأنها إمرأة !
كان النساء يساهمن في الحروب ومعالجة المرضى والجِراح وكنّ فخرا ، بخلاف وقتنا الحالي الذي ينظرُ لهذا العمل بدونية وطعن في الحديث .
أما رسول الله فقد شارك مع في عدة من غزواته بعض الصحابيات ما في ذلك نساؤه ، وكان النبي يصطحب نسائه معه إذا خرج إلى الجهاد فقد كان إذا أراد الغزو أجرى قرعة بين نسائه فمن يخرج سهمها يأخذها النبي معه ،فكانت معه عائشة في غزوة بني المصطلق في ستة للهجرة ،وكانت معها أم سلمة عند صلح الحديبية كما حضرت معه في غزوة أحد أم عمارة وكانت تباشر القتال بنفسها دفاعاً عن النبي صلى الله عليه وسلم .
ومواقفه صلى الله عليه وسلم مع المرأة لا تعد ولكنها دليل ثابت بأن الإسلام أعطى حقا ولَم يسلب حق الحياة ، في عصرنا الآن المرأة تابع ، ولا ننكر حقيقة هذا الآعتقاد ، عند خطأ المرأة يضاعف العذاب والعار مراراً لأنها " إمرأة " ، لكن لا أعتقد بأن الإسلام سنّ للمرأة عقابا مختلفا عن الرجل ! بل سوف يحاسابان على قدر الذنب ، وينالان ذات الجزاء ، إن كان خَيرا أو شر .
إن ما يدور الآن بيننا من اعتقادات ماهي سوى نتيجة عُرفٍ وتقليد ، تم ربطه بالدِّين الذي هو أسمى وأعطى كل صاحب حقٍّ حقه ، الدين كامل لكن تطبيقُ تعاليمه ناقصة ، ذلك النقصُ لا يلحق الدين بل يلحقُ مرتكبه .
ولا شك أننا الآن في حقبة تغيير طال انتظاره ، فالجهود التي أبدتها الحكومة السعودية تجاه حقوق المرأة في نواحي عديدة تبدي ثمارها ، الخطأ يكون خطأً حقيقيا عند إستمرار إرتكابه ، ولكن تصحيحه هو بمثابة اعتذار لمن هم ضحايا على مر السنين ، وأملٌ للقادمين .

Comentarios