تكوين عقل الطفل ( سأكون مثل مريدا )
- الأفنان الثقافية
- Mar 21, 2018
- 3 min read
لا شك بأن الطفل يتم صياغة تكوينه بحسب ما تم مشاهدته على حدِ سواء فيما يطبق على ارض الواقع او في العالم الافتراضي (التلفاز) , ان مشاهدة الرسوم المتحركة اساسية لتكوين شخصية الطفل لغرس طبيعة الأفكار التعليمية في عقله وذلك بحسب مفهوم الآباء بأنها تقدم مادة مرئية ومسموعة ومقروءة في آن , لكن المفارقة هنا هو ان نجد ان تلك الرسوم المتحركة اصبحت تحت الجدل الواسع لما تقدمه من مفاهيم غير هادفة و سوية تحت اسم السلام و المحبة , المغلف بالازدراء والإيحاء مما يعكس نتائجه على العقل الباطن لدى الطفل فتجد الفضول يلازمه ويبحث
عن معنى تلك المشاهد والعبارات.
منذ بضعة ايام , ادهشني جواب تلك الطفلة حينما سألتها عما ستكونين عليه عندما تكبرين فأتاني جوابها بثقة بحتة ( سأكون مثل مريدا) فأجبتها متفهمة بأنك ستكونين افضل منها و انا لا اعلم حتى من تكون مريدا فأتى جوابي هذا مسايراً
لحديثها.
اعتراني الفضول عن ما هي عليه مريدا كنت ايقن بأنها شخصية افتراضية تنشر المحبة والسلام او انها تقاتل الأشرار او حتى انها بطلة قومية تساعد الضعفاء والفقراء وعندما بحثت وجدتها فتاة صهباء ذات شعر احمر مجعدِ ومشع تحمل خلفها كنانة وقوس . ( مريدا) شخصية افتراضية ولدت من ارض ديزني لتكبر وتتحدى الاعراف وقوانين القبيلة لتوقف زيجة مرتبة لها من احدى العشائر لتبدأ القصه حينها بالتخبط والمواجهات وإلقاء اللعنة على عائلتها وتخوض حربها ضد العشائر التي ترغب بالظفر و الزواج منها لتنتصر في نهاية المطاف و تحيا بسعادة في مملكتها من دون امير معلنة بأنها ستطلب يد نفسها , لتعطي دروساً عن الخروج الغير مألوف ومجابهة القوانين التي ربما لم تكن تروق لها.
عندما كنا صغارا كان التلفاز اشبه بمحطة محظورة لا نستطيع مشاهدته إلا في ساعاتِ معينة في كامل الأسبوع وقنوات الاعلام انذاك محدودة حينها , كنا نقوم باستغلال غفوة الغداء لمشاهدة تلك الرسوم المتبلورة تحت عنوان الصداقة والتضحية ومساعدة الناس والمغامرات والقصص المتنوعة التي تعلم القيم السامية في النفوس , لا اعلم كم بكينا حين لقاء بشار بوالدته بعد سنين فراق , وعمق حزننا عندما تحولت حياة سالي اليتيمة بين ليلة وضحاها ورحلة الصبر و المعاناة التي قضتها لتأتي في نهاية المطاف تعلمنا معنى التسامح , وكم سقطت اعيننا على ذاك الخبز والحساء الشهي الذي يعدهُ جد هايدي , و لا ننسى انتظارنا السنوي حينما يقرع رمضان أجراسه لنجتمع جميعاً قبيل الغروب ونشاهد (بابا فرحان) ليعلمنا رسائل تربوية تنشر الوعي في المجتمع , وتحول حكايات الف ليلة وليلة إلى وجبة اساسية على مائدة هذا الشهر لتنتهي بتلك الموسيقى الكلاسيكية التي اصبحت ماركة مسجلة لهذا العصر.
الرسوم المتحركة وبرامج الأطفال قديماً كان أثرها عميق في النفوس في ظل غياب أسس التعليم التوعوي المبكر للطفل فقد كانت الرسوم المتحركة ترسخ المعنى الحرفي لكلمة (توعية) فشتان بين ما كنا نراه قديماً وما يراه الأطفال الان
من مهاترات تدس السم في العسل.
في ظل عبور الألفية وانفجار التكنولوجيا العصرية وبزوغ قنوات الإعلام والأطفال بأرقام فلكية اصبحت وسائل الاعلام اكثر نفيراً وأعظمها تأثيراً وبديلاً مؤنساً في ظل غياب الوالدين فأصبحت جميع القنوات بالنسبة للطفل ناشدة للهو و الترفيه فأنشغل الجميع بهذا التطور السريع وأصبحت لا تعي تماماً بما يقدمه التلفاز من فضائل و رذائل و انها سبب رئيسي في تلقين الطفل واستجابته السريعة لاستقبال اكبر ما يمكن من المعلومات المرئية والمسموعة وتنقشها نقشاً في نفسه فتعزز في روحه غريزة التقليد واتخاذ القدوة.
لا نشملها بأنها جميعاً تأتي سلبية فيما تقدمه في آنِ واحد , فإيجاباً هناك فائدة من حيث تنمية الخيال وتزويد الطفل بمعلومات ثقافية وتفكيك عقدية اللغة العربية الفصحى.
فالرسوم المتحركة سواءاً اتت ايجاباً او سلباً فجميع تأثيراتها تعمل عملها في عقل الطفل , فيجب على الآباء تنضيد فترات جلوسه امام التلفاز , واقتناء ما هو جيد لتوطيد التعليم التوعوي في داخله و تفعيل الرقابة الذاتيه وذلك للحد من فرط تسجيل
المفيد وغير المفيد في داخل العقل الباطن.
لـ رهام احمد

Comments